المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس, 2025

ذكريات من دولاب محام

ذكريات من دولاب محامٍ في مساء خريفي هادئ، وقف يوسف أمام خزانته المفتوحة، لا يبحث عن ملبس، بل عن معنى. صفٌ طويل من البدل، مصطفة كأنها أرشيف صامت لحياته المهنية، كل واحدة منها تحمل أثرًا من قضية، من لحظة، من سؤال لم يُجب عليه. مدّ يده نحو بدلة رمادية داكنة، بها تمزق صغير عند الكتف. كانت أول ما ارتداه يوم دخل المحكمة كمحامٍ مستقل. يتذكر جيدًا تلك القضية التي خسرها رغم يقينه بالحق، وكلمات القاضي التي ما زالت ترنّ في أذنه: “القانون لا ينتصر دائمًا للحق، بل لما يمكن إثباته.” منذ ذلك اليوم، بدأ يوسف يفهم أن العدالة ليست دائمًا مرآة للحق، بل أحيانًا مجرد انعكاس لما يُقال ويُدوّن. ثم انتقل ببصره إلى بدلة زرقاء أنيقة، ارتداها يوم التقى نادين، الصحفية التي كتبت عنه بشغفٍ ونقد، ثم أحبته بصمتٍ مشوبٍ بالشك. يتذكر رسالتها الأخيرة، حين قررت أن تبتعد: “أنت لا تدافع عن القانون، بل عن نفسك.” انتهت العلاقة، لكن بقيت البدلة، كأنها تحفظ حرارة المواجهة وبرودة الفراق في خيوطها. وبين البدل، كانت هناك واحدة سوداء، ارتداها في ندوة قانونية حين التقى أستاذه القديم. ذلك الرجل الذي قال له بنبرة لا تخلو من حزن: “حين ...