القرين



تعالت اصوات الضحك امام (منسي) ذلك الممثل البسيط الذي وقف على خشبة المسرح وأستمر في أداء حركاته الشهيرة وعباراته التي أغرقت الجمهور في الضحك ، كانت صيحات الجمهور تحيطه بهالة من اللاوعي فيستمر في ادائه المبهر وكلما تعالت الصيحات وازداد التصفيق كلما أبهرهم  بتمثيله وحركاته ولكن من بين كل هذا الكم من الضحك والسعادة التي ولدت من بين كلمات منسي ومن فوق شفتيه كان الدمع في عينيه محتبساً يعصر قلبه عصراً وكلما أحمرت عيناه من حبس دموعه وتغيرت ملامح وجه من سجنه لمشاعر حزنه إزداد الضحك والمرح بين الجمهور فكل ما يفعله مصدر سعادة لهم ولا يمكن أن يخيل لهم أن هذا القلب قد يكن حزنا أو أن العيون قد تقر دمعاً وهو يسمع من بينهم كلمات تترامي هذا الرجل ليس له مثيل، لا بد وانه أسعد انسان في الدنيا كم نتمنى ان نعيش معه فيستمر منسي متناسياً كل أوجاعه ،،،،

كان منسي يشخص على المسرح كل ليلة دور (بهيج) وهو رجل أعمال  شديد الثراء يقرر ان يتخلى عن حياة الرفاهية ويتنكر في شخصية موظف فقير لدية اسرة كبيرة وعنده من المشاكل والمسؤوليات التي تفوق طاقته وتحمله ليصنع منها (منسي) ببراعته مادة خام للضحك والسخرية من خلال المرور بالعديد من المواقف التي لا يستطيع (بهيج) مواجهتها ويتعامل معها بعفوية وسذاجة من ولد وفي فمه ملعقة من ذهب فيتحول الموقف المبكي الى مضحك والمحزن الى مبهج و(بهيج) الذي يكتسي منسي ويتلبسه كل ليلة ويسخر منه لساعات قليلة على المسرح يتركه ليكمل دوره في الحياة ولكن دون تمثيل كمواطن مطحون وموظف بسيط جداً في أحد دور الثقافة يواجه الفقر والقهر والمرض وكل ما يمثل عائق أمام أن يكون للسعادة مكان في حياته عدا رضائه بما قسمه الله وايمانه بان ذلك قدره

وفي تلك الليلة تحديداً تردد (منسي) كثيراً قبل أن يدخل الى جمهوره الذي أنتظره كثيراً حاول أن ينسحب فاليوم قد انفصلت عنه زوجته بعد خلافات استمرت لسنوات عديده حاول خلالها ان يجمع لها خيوط الفضة من ضوء القمر لترضى ولكنها كانت تبحث عن الماس فاليوم فقد حبه الاول والأوحد وأم أبنائه بسبب الفقر والعوز اليوم هو حقاً يكره (بهيج) وامثاله وكل من حوله فكيف سيقوم بالسماح لبهيج بأن يسخر من منسي ولم يستكمل منسي افكاره الا ووجد يد دفعته الى خشبة المسرح قائلة له ادخل يا (بهيج) جمهورك بانتظارك

وجد منسي نفسه واقفا على خشبة المسرح بمواجهة جمهوره والكل يهتف بهيج  بهيج بهيج  فقفز بهيج فوق منسي وبدأ في اداء دوره والجمهور كاد ان تنقطع انفاسه من الضحك وفجأة مسك ممنسي بتلابيب نفسه وصاح مخاطباً بهيج من أنت؟ ولماذا أنا؟ انا اقول لك  أنت الانانية وانا العطاء انت الوهم وانا الحقيقة انت نور مصباح اذا توهج حرق من يقترب منه وانا نور الشمس الذي يعطي الدفء لكل من حوله، انا الشبح الذي تخاف منه وتتجنبه وفي نفس الوقت تتمنى لو ان لديك راحة باله وانا وأنا وأنا  والجمهور يضحك ويستمر في الضحك ويصفقون برافو بهيج برافو ممتاز يا بهيج فيدرك منسي أنه على خشبة المسرح وأنه بهيج فيستمر في تحية جمهوره بعينين حمرواتين احتشدت بالدموع وقلب  يكن كرهاً لذلك البهيج حتى يدخل شرطي الى خشبة المسرح وينادي منسي افندي عبد العال فيقول نعم فيقبض عليه بتهمة سب السيد بهيج باشا الجيار وتسدل ستارة المسرح معلنة انتهاء العرض ليبدأ من جديد مساء غد

روشه رأيكم يهمنا ومتابعتكم شرف لنا والشير خير دليل ان الموضوع عجبكم

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصة عشق

احلام الصابرين

ارض الاحلام