توبة قلم
يجلس نزار كعادته في مكتبه
يحاول ان يكتب مقاله الاسبوعي الذي ينشر في اكثر الجرائد انتشاراً وشهرة كان كاتبا
متميزا بشهادة الجميع من اتفق معه ومن اختلف فهو يستطيع تطويع كل الامور كما يحب،
فقلمه مأجور لمن يدفع لا يعرف ما يسمى بالمبادئ والقيم فكلها شعارات لا تساوي
معه كيل كائل يكتال بالغالي والثمين ليشتري قلمه الذي ربما كان فاعل اصلي في
العديد من الجرائم فكم من مقال كتبه بقلمه المأجور فكان سبب في القتل او الظلم او
السرقة وكم من أسر شردت وزوجات رملت بكلمات منمقة وعبارات موجهة وأفكار متفق
عليها، كان يصنع ما يشاء بقلمه وكأنه ساحر يجلس في وقره الملعون ويقدم عرضه لمن
يدفع اكثر.
لكن في تلك الليلة كان
الامر مختلف تماماً، يجلس كعادته يحاول ان يمسك بقلمه، ترتعش يده بشدة فيظن انه من
الارهاق يحاول ان يتماسك اعاد المحاولة ظن انه نجح فوجه يده نحو الورقة ليكتب مقال
جديدا بقلمة المأجور ...
بدأ الألم يسري في يده
بسرعة وامتد الى ذراعه وكتفه وقلمه يخط بحروف لا يعرفها فهو لا يتحكم به ربما سحره
الملعون وما يفعله قلمه المأجور قد انزل سخطه ولعنته فثارت عليه ربما كره ذلك
الزيف الذي اعتاد نقله صار الوجع يمتلك كل جسده فصرخ نزار بأعلى صوته فكتب القلم
"أأأأأأأه" بخط كبير غير منتظم حاول ان يهرب ويرمي القلم بعيداً لكن
القلم بدأ يسخن في يده وكلما حاول المقاومة ازداد القلم سخونة حاول نذار ان يستغيث
فنادى على اولاده و زوجته خادمته فكتب القلم "هاوية" "خاوية" فارتعدت
كل فرائسه واصبح يبحث عن انفاس يلتقطها في تلك الغرفة فلم يجد الا القليل حاول ان
يذهب للنافذة ليفتحها وما زال القلم يزداد سخونة بيده كلما تحرك فلم يستطيع
فتحه، احس انها النهاية اختنق قلبه وأحس بقبضة محكمة تضغط عليه أعاد الصراخ
خوفا من ان يكون ذلك بداية الحساب او ربما تكون بداية النهاية وما زال القلم في
يده يزداد سخونة كلما حاول الهروب او الصراخ حتى ان يده بدأت في الاحتراق فتيقن
انه لا مفر وانه هالك لا محالة وان قاتله قلمه المأجور الذي ربما وجد من يدفع اكثر
فكتب هذه النهاية فتعالت صيحاته هذه المرة ولكنها كانت صيحات الندم على ما فعل فكم
تمنى لو عادت به الدنيا فيكتب بقلم حر لا يقطر ألماً حبره صاف من اي دم، شعر بندم
مع خوف فدمعت عيناه حتى استقر الدمع على قلمه الذي بدأ يبرد كلما اكتسى بدموع نزار
فزادت دموعه كالمطر واعتدل ليكتب من جديد بقلمه الحر المبرد بدموع الندم " ثم
ارسل لرئيس التحرير ما كتب قائلا
هذا
مقال الاسبوع - توبة قلم"
تعليقات
إرسال تعليق