طلب معاش




طلب معاش 
بقلم: محمد محمد خليفة
************************

خرج صالح من مكتب مديره بالشركة التي يعمل بها وهو في اشد حالات غضبه فلقد كان بينه وبين تقديم استقالته شعرة واحدة ولكنه تملك غضبه وتذكر التزاماته وبيته واولاده فتحمل هذا الكم من الاهانات وإلقاء الاتهامات بغير دليل ولا إثبات ودون سماع اي دفاع أو مبررات، خرج وهو يحمل فوق رأسه جبال من الهم والحزن وفي عينيه سحباً من الدموع حبسها دون ان تمطر فتغرق من حوله وتهلك الجميع..
انطلق صالح على قدميه وكأنه يسير في صحراء لا يرى فيها احداً من حوله ولا يكاد يعرف الى اين يسير وهو يفكر في كم الظلم الذي تعرض له فلقد كان يوماَ ما مديراً لهذه الشركة وكان لديه كافة الصلاحيات والسلطات وكان يهابه الجميع عدا ذلك العنيد احد رؤساء الاقسام بالادارة وكان  يدعى فارس وكان هو الوحيد في الشركة الذي يرفض دائماً ان ينصاع لأوامره، وكان يسفه من كل القرارات التي يصدرها وينشر بين كل العاملين بالشركة انها قرارات تهدم الشركة وتخدم المصلحة الشخصية وكيف كان الجميع يصدقونه ويصفقون له ويعتبرونه بطلا ومثالاً يجب ان يحتذى به لانه يقف في وجه المدير ولا يهابه. 
تذكر صالح شريط ذكرياته كل ذكرياته وكيف انه جمع اموالاً طائلة هو الوحيد الذي كان يراها مشروعة وربما من كانوا يتقاسمون معه  ايضاً لكنها لم تحميه من ان يسقط من نظر كل موظفي الشركة بالرغم من انه كان يغدق عليهم في العطايا ويقربهم منه ويحاول ان يكسب مودتهم ولكن كل ذلك كان دون فائدة او جدوى فلقد انهارت كل محاولاته للبقاء واقفا على قدميه امام ذلك العنيد المدعو فارس وضاعت كل ثروته وخسرها بالكامل في المقامرات والرهانات حتى وصل الى ما هو فيه الان.

شعر صالح بألم قدميه من كثرة المشي فانتبه الى انه قد سار ما يقرب من ستة ساعات دون توقف نظر من حوله فلم يعرف المكان الذي وصل اليه حاول الرجوع الى اقرب مكان يعرفه لم يستطيع الوصول الى نقطة انطلاق جديدة كل الطرق من حوله مجهوله جلس في احد البيوت القديمة المهجورة بالحي الذي وصل اليه والذي خلا من اي سكان او افراد واذا به يتفاجأ برجل يعطيه زجاجة مياه ويجلس بجانبه ويقول له ( مالك شايل طاجن ستك ليه ) تماسك صالح نفسه بعد أن ارتعش من شدة فزعه من ذلك الرجل الذي ظهر بجانبه فجأة وبدأ يبلع في ريقه محاولا التحدث معه وقال ابداً الهم تقيل وبدأ يحكي حكايته لهذا الرجل وكيف تحول من الغنى الى الفقر وكيف فقد منصبه كمدير للشركة وكيف انه اضطر للعمل بها لانه لا يملك فرصة للتوظف خارجها وكيف ان مدير الشركة يهينه ويعنفه كلما تذكر ما كانا يقوم به عندما كان مديراً لها، ثم اردف صالح بصوت عالي لكن انا لن اسكت ما زال لي الكثير من الموظفين بالشركة وسوف استغلهم في العودة لمنصبي واسترداد حقي لا بد ان أخذ ثأري من ذلك الرجل
 لا بد أن .......... 
قام الرجل بمقاطعة صالح قائلاً وانت يابني لسه شفت حاجه انا قصتي نفس قصتك كده تقريباً لكن ما خفي كان اعظم وبدأ الرجل يقص حكايته من طقطق لسلام عليكم وقبل ما يوصل للنهايه قال لصالح لكن أنا لن اسكت ما زال لي الكثير من الموظفين بالشركة وسوف استغلهم في العودة لمنصبي واسترداد حقي لا بد ان أخذ ثأري من ذلك الرجل لا بد أن..................
قاطعه صالح واللهفة تملأ جوفه وقلبه ووجميع أركانه قائلا:  وبعدين عملت ايه علشان ترجع حقك فقال له أخذت الموظفين اللي ليهم ولاء ليه وقعدنا أمام الشركة لا حد يدخل ولا حد يخرج وقفنا حال الشركة لحد ما المبيعات بدأت تقل حاولوا يتفاوضوا معانا لكن احنا صممنا اننا نرجع حقنا ونرجع الشركة تاني ونشتغل فيها زي زمان، وعليك، وفعلا بدأنا نكسر واجهة الشركة ونخلع الأبواب الخارجية شركتنا اللي عملينها بادينا وبأدينا هنهدها .
صالح في شوق ولهفة للنتيجة وايه اللي حصل بعد كده،فقال الرجل الحقيقة انهم استجابو لبعض مطالبنا وجهزوا لي طلب المعاش وصرفوا معاش كويس لاولادي ومراتي وجابوني انا هنا، وكل حبايبي واصحابي كانوا ماشين ورايا وانا قدامهم الحقيقة عملوا ليه جنازه محترمه وريحوني من الدنيا وقرفها.
في تلك اللحظة انتبه صالح الى انه يجلس مع رجل لا يعرفه في مكان مجهول لا يعرفه ولا يعرف حتى طريق العودة منه نظر صالح الى الرجل فلم يجده نظر حوله فوجد الناس مجتمعه من حوله وتبحلق النظر فيه، وتقول الراجل بيكلم نفسه لا حول ولا قوة الا بالله، لا حول ولا قوة الا بالله قوم يا حج حد يقعد في المقابر ويكلم نفسه كده ، انت عايز تتمس ولا يركبك عفريت.
نظر صالح لهم في رعب وكأنه أول مرة يرى بشر وقام مسرعا من مكانه وهو يبحث عن هاتفه من بين ملابسه فاخرجه واتصل على مديره فلم يرد عليه فارسل له رسالة نصية قال فيها
(السيد المدير جهز لي طلب المعاش لانه معاش اللي يزعلك)
دردشة مش دروشه رأيكم يهمنا ومتابعتكم شرف لنا والشير خير دليل ان الموضوع عجبكم

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصة عشق

احلام الصابرين

ارض الاحلام